بيـــــــــــــــــان – الصراع بين القضاء والمحاماة يدعو إلى طرح تساؤلات جذرية تجاه منظومة العدالة ببلادنا.

القضاة والمحاماة

يتابع الناس هذه الأيام السجال القائم بين قطبي العدالة، القضاء والمحاماة، الذي وصل إلى حد التحامل بين الفريقين، وهي وضعية تتجاوز مجرد حادثة لتكشف اللثام عن تراكم التعقيدات الحاصلة داخل مرفق العدالة. لكن هذه الأجواء المشحونة يجب ألا تمنعنا من الوقوف عند الحقائق التالية: أولا: إن الأحداث الأخيرة تشكل رجّة قوية لمنظومة العدالة من شأنها أن تطرح تساؤلات ومساءلات عميقة تجاه القيم الأساسية لهذه المنظومة، والتي أفرزت تراكمات وتعقيدات متصاعدة تتطلب منا التفكير بعمق واستنارة في مراجعة الأسس النظرية التي انبنت عليها هذه المنظومة. ثانيا: نعتبر أن هذه المرحلة هي مرحلة تفكير مسؤول، لاسيما وأن نبل مهنتي القضاء والمحاماة متأتّ من جانبهما الفكري والذهني. وإذا كانت نخب الأمة لا تفكر، فإنه يصعب على هذه الأمة أن تنهض من كبواتها أو تحقق تقدما، وإنما تبقى خاضعة لمنطق التهييج ولمخاطر التهريج الذي يعمّق الاحتقان المجاني البغيض، ويُضلّل عن الوصول إلى الحقائق المنشودة، ويجعل من القاضي والمحامي ، سواء بسواء، مجرّد متنافسين في استهلاك مادة القانون. ثالثا: نعتبر أن الصراع القائم حاليا مؤصّل في القاعدة القانونية ذاتها التي يتم صياغتها استجابة لتجاذبات القوى النافذة، وتنتقل هذه البنية القيميّة المبنيّة على الصراع والمغالبة من صعيد التشريع إلى صعيد التطبيق القضائي بحيث يكون القاضي مطالبا بتطبيق القانون، ولو كان ظالما ومتناقضا مع رؤيته الموضوعية للعدالة، فيكون بذلك أول ضحايا هذه المنظومة، ويستمر الصراع والتناقض في التعامل مع بقية المتداخلين في المشهد القضائي، المتقاضي أو المحامي. رابعا: ندعو إلى تكوين « لجنـــة تفكيــــر » يقع تشكيلها بين نخبة من القضاة والمحامين وفقهاء القانون يكون لها مطلق الصلاحية للبحث والتفكير في أسس نظرية جديدة تسيّر المنظومة التشريعية والقضائية بحيث يكون متعلّقها هو تحقيق العدالة وليس استجابة لتجاذبات قوى الضغط والنفوذ داخل البلاد أو من خارجها.

تونس في: 05 مارس 2014.