حتى لا ننسى يوما من ذاكرتنا الجماعيّة.

في ذكرى انتفاضة الخميس 26 جانفي 1978

« الدولة الوطنية تقتل أبنائها »

« الدولة الوطنية دولة فاشلة ».

الاتحاد الإسلامي الدولي للمحامين

(فرع تونس)

========================================================================

الحمد لله وحده، تونس في: 25 جانفي 2023

حتى لا ننسى يوما من ذاكرتنا الجماعيّة.

في ذكرى انتفاضة الخميس 26 جانفي 1978

« الدولة الوطنية تقتل أبنائها »

« الدولة الوطنية دولة فاشلة ».

غالبا ما نستحضر في مثل هذا الشهر حدثا مميّزا من تاريخ بلادنا الحديث، وهو يوم الخميس 26 جانفي من سنة 1978، الذي شهد إضرابا عاما دعى له « الاتحاد العام التونسي للشغل »، (وكان آنذاك تحت رئاسة الحبيب عاشور)، ثم سرعان ما تحولت الأحداث في آخر الصباح من ذلك اليوم المشهود إلى مواجهة دامية شارك فيها العمال والطلبة وعامة الناس الغاضبين، الأمر الذي دفع بالسلطة إلى تفعيل آلة القتل ضد المتظاهرين العزّل أودت بحياة مئات الضحايا بين قتيل وجريح.

وقد تميزت تلك المواجهات بمشاركة بارزة لعصابات و »مليشيات » الحزب الحاكم « الحزب الاشتراكي الدستوري » (جلاد الشعب) تحت إدارة محمد الصيّاح، الذي أوغل في تقتيل الناس عن طريق الاغتيالات الغادرة بهدف نشر الذعر والخوف لإخماد المظاهرات الغاضبة التي عمت كافة أرجاء البلاد، وذلك بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردّي، إلى جانب تصارع الأجنحة داخل السلطة الحاكمة نفسها.

وبهذه المناسبة لا بد من الوقوف عند العبر التالية:

أوّلا: إن هذه الانتفاضة التي جعلت منها السلطة وحزبها الدستوري الحاكم (جلاد الشعب) محطة دموية قاتلة، يكشف لنا الوجه القبيح للدولة الوطنيّة التي وقفت عاجزة عن حل المشاكل الاجتماعيّة والاقتصاديّة فلجأت إلى إخماد الانتفاضة بالحديد والنار، وكذلك فعلت مع جميع الأحداث المماثلة، ونفس الموقف يتكرر مع بقية الدول الوطنيّة القائمة في العالم الإسلامي.

ثانيا: إن ظاهرة « الدول الوطنيّة » (سواء منها الجمهورية أو الملكية)، التي تسلمت السلطة مباشرة بعد الخروج العسكري للاستعمار من البلاد العربيّة والإسلاميّة، فشلت في رعاية شؤون الناس وحل مشاكلهم الاجتماعيّة والاقتصاديّة إلى مستوى أصبحت معه مجتمعاتنا تتخبّط في أتون الظلم والفساد دون حلول واضحة سوى مزيد الارتماء في أحضان الأجنبي، والارتهان لصناديق النهب الدولي.

ثالثا: إن وضعية الفشل والعجز والمآزق المتراكمة التي تتخبط فيها الدول الوطنيّة ترجع إلى كونها مجرد « دول وظيفية » تمارس السلطة دون سيادة حقيقية، وطبق « كراس شروط » تفرض عليها ضمان هيمنة القيادة الفكرية للرأسمالية الديمقراطية، إلى جانب حراسة الحدود التي رسمها التقسيم الاستعماري طبق بنود اتفاقية سايكس – بيكو (1916).

رابعا: لقد كان من المفروض أنه بعد خروج الاستعمار الباطل من بلاد المسلمين أن تعود الحالة إلى ما كانت عليه قبل حلوله الغاشم، أي أن تعود الأمة إلى سالف عهدها في إعادة بناء وحدتها بوصفها أمة واحدة، وتستأنف حياتها الإسلاميّة بتطبيق نظام حكمها الإسلامي، لكن « مشروع الدولة الوطنيّة » كان حائلا دون ذلك، بل حارسا ذليلا لإملاءات الاستعمار في جميع تفاصيل حياتنا.

خامسا: إن رفع شعار إسقاط النظام من قبل الثورات العربية يعني بالضرورة إسقاط نموذج « الدولة الوطنيّة »، والتي أصبحت يسمّونها أيضا « الدولة المدنيّة »، باعتبارها عنوان الفشل والعجز والارتهان للأجنبي، واستبداله بدولة ذات سيادة حقيقية، تحرر الأمة من واقع التبعيّة المذلة للغرب المستعمر، وتعيد لها وحدتها وعزتها من جديد بوصفها « خير أمة تستحق خير دولة » … وسوف يكون ذلك لا محالة بإذن الله تعالى.

فرع تونس

للاتحاد الإسلامي الدولي للمحامين